back to Cultural Salon page

لقاء مع السفير الدكتور فيكتور زمتر
حول مئوية لبنان الكبير بين دولة الوطن ووطن الدويلات - عكار المثال المرتجى

الصالون الثقافي في القبيات 13 نبسان 2019 الساعة 5:00 مساءً

 

د. انطوان س. ضاهر :

منذ مئة سنة أصبح للكيان اللبناني دولة. هل لنا أن نحتفل بالحدث أو أن نرشقه ونلعن الساعة؟ الصالون الثقافي في القبيات ارتأى إعادة قراءة التاريخ لأخذ العبر، فكانت محاضرة للسفير الدكتور ڤيكتور زمتر، بعنوان:" مئوية لبنان الكبير بين دولة الوطن ووطن الدويلات - عكار المثال المرتجى". وجاءت المناسبة متزامنة مع تاريخ ١٣ نيسان، تلك المحطة المؤلمة التي تشرذم فيها الوطن.

بعد كلمة ترحيب للدكتور انطوان ضاهر وكلمة تعريف للدكتور شربل خوري، استهل المحاضر حديثه عن لبنان الظاهرة الفريدة، "هذا البلد الذي قلّ ما كان هناك في الدنيا بلد مثله يتفاطر إليه الكل، من الكنعانيين إلى الفرنسيين مروراً بالفينيقيين والفراعنة والفرس والإغريق والعرب والصليبيين والمماليك والعثمانيين وغيرهم"، ما أدى إلى تلاقح الحضارات في هذه المساحة الصغيرة. من تفاعل هذه الموروثات المختلفة مع بعضها البعض، نتج تنوع كبير هو مصدر غنى من جهة، وبالطبع مصدر اختلاف من جهة أخرى.

عاد بنا الدكتور زمتر إلى عشية إعلان دواة لبنان الكبير في الاول من ايلول ١٩٢٠ من قبل الجنرال الفرنسي غورو، واضعاً إيانا في جو الصراع الخفي بين الفرنسيين والانكليز والذي كان قد ابتدأ منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر إثر تدخل الفرنسيين إلى جانب المسيحيين الموارنة والانكليز إلى جانب الدروز، مقسمين الجبل من أجل مصالحهم. كما وضع المحاضر الجنهور المستمع في جو كواليس التجاذبات الحادة بين الدولتين العظمتين آنذاك والمتقاطعة مع مناخ محلي مسيحي ينادي بالاستقلال التام للبنان مع تمني حماية فرنسية ومناخ آخر مسلم يعمل من أجل جعل لبنان جزءاً لا يتجزأ من مشروع عربي جامع. هذه الجدلية القائمة آنذاك بين الوضع الدولي والمعطى المحلي أدت في نهايتها إلى انتداب فرنسي على لبنان وآخر فرنسي أيضاً على سوريا، بعد توافد ثلاثة وفود لبنانية إلى مؤتمر الصلح في باريس وبعدما رسمت خرائط تقاسم المنطقة بين بريطانيا وفرنسا حسب سايكس بيكو.

أبصرت دولة لبنان الكبير النور تحت الانتداب الفرنسي الذي دام حتى الحرب العالمية الثانية، واستقل لبنان في ما بعد وبضغط بريطاني. وجاء الميثاق الوطني كنتيجة لتقارب بشارة الخوري ورياض الصلح بدعم من الجنرال البريطاني سپيرس. أفضى هذا الميثاق إلى لبننة المسلمين اللبنانيين وتعريب المسيحيين اللبنانيين. قبل المسيحيون عدم طلب الحماية الفرنسية وقبل المسلمون عدم الانضواء تحت راية دولة عربية. وجاءت مقولة لبنان ذو وجه عربي وجاء الانفتاح على العالم العربي الذي ترجم في الاقتصاد ما عاد بالنفع على كل اللبنانيين وأراح المسيحيين.

ثم جاءت في ما بعد سلسلة من المطبات الكبيرة هزت الوطن الناشئ: نكبة فلسطين ودخول الفلسطينيين اللاجئين إلى لبنان، أحداث سنة ١٩٥٨، الحرب الأهلية اللبنانية سنة ١٩٧٥، وحتى الحرب السورية سنة ٢.١١. في كل هذه المحطات التاريخية انقسم اللبنانيون، إذ أن الاختلاف في الانتماء كان يؤدي دائماً إلى اختلاف في المواقف. والحقيقة المرة، يقول زمتر، هي أن الكيان اللبناني يبقى، بعد مئة سنة، فكرة ما زالت تفتش عن طريق لتحقيقها. وأن العائق الأساس على هذه الطريق هو الطائفية، " إذ ما من بلد في العالم يعتمد الطائفية كنظام " وأنه ما من سبيل للارتقاء والتقدم بهيكليات سياسية وإدارية لا تعمل على الكفاءة إنما على الانتماء الطائفي والمذهبي والمناطقي ما يقتل برعم الانتماء للوطن ويدخل الناس في المحسوبيات ومنظومات التبعية والفساد.

لكن هذه المسحة السوداوية لا تنفي وجود أمل كبير بأجيال جديدة متحررة متآخبة ومحطمة حواجز الانتماء الطائفي.، معطياً عكار المنوعة طوائفياً كمثال يحتذى إذ، يقول زمتر، أن العكاريين الذين يتقاسمون جمال الطبيعة فريدة وتراث تاريخي غني (٢٨ موقع أثري) يتقاسمون في الوقت عينه الأفراح والأتراح، النجاحات والمآسي، التقدم والحرمان، من ضمن نسيج اجتماعي صمد في وجه التحديات الطائفية التي عصفت بالبلد وولدت الحروب.

وكان نقاش أثنى على موضوعية الطرح واضعاً الاصبع على جرح الطائفية التي أجمعت كل المداخلات على العمل من أجل دحضها.

د. انطوان س. ضاهر

 

link: http://nna-leb.gov.lb/ar/show-news/404043/%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9