back to Books

 

أطلبوا ملكوت الله وبرّه أولاً

 

شو هوّي الملكوت وبرّه؟ الله بدّو يملك عَ قلوبنا كلنا، ونصير أولاده (أبناء الملكوت)، وحتى تكون كل تصرفاتنا وأعمالنا، صالحة ومرضية قدّامو، وما يكون فيها أذيّة للقريب.

 

ويا خيّ، إنت لمن قبلت إنك تكون مسيحي، يعني إنك إنت قبلت إنو يصير إلك دور بالشغل مع الله بملكوتو عَ هالأرض، وكمان إنو يكون إلك دور تتخلّص نفسك، ونفوس الآخرين، وهيك منصير نحنا "معاونو الله" (2كور6/1). وبدّك تقول صرت ملزوم تعيش مسيحيتك.

 

وحتى تعرف كيف بدك تشتغل مع الله، وتقدر تعاونو، لازم يكون عندك مقدار من التقوى والقداسة، وتكون بالقليلة فهمان بالإنجيل.

 

لأنو يسوع بدو ياك تصير نور "أنتم نور العالم" حتى تدل غيرك عَ معرفة الحق. وبدّو ياك تكون ملح "أنتم ملح الأرض" حتى تغيّر طعمة هيدا العالم للقداسة، وتكون "مؤثر وفاعل" بحياة الغير، وتقدر ترد الناس لعند الله.

 

والمسيحي لازم يتوصّل إنو يصير "ضو، وملح" وإذا ما ضوّا بيكون غير نافع، وإذا ما ملّح بدّو يِنْرَمَى.

 

والرب يسوع، ما عطى هيدا الامتياز للمسيحيين، إلا لأنو بدّو ياهم يهتمّو باخوتهم باقي الشعوب، حتى يصير كل الناس أبناء الله (يعني أبناء الملكوت). هيك بدّو ربنا، بدّو يملك عَ قلوب الناس، وبدّو نتبادل معو المحبة، وتكون كل أعمالنا صالحة.

 

وهيدا الشغل بدّو توعية وتبشير وتعليم، وبدون كسل ولا إهمال، لأنو (ملعون مَنْ يعمل عمل الرب باستهزاء). والمطلوب من المسيحي إنو يستعدّ ويتقدّس، حتى يقدر يقدّس الناس، كل الناس، وين ما كانوا، ومين ما كانوا عَ هالأرض.

 

وحتى يكون الله راضي، لازم يكون شغل (الملكوت) إلو الأهميّة عِنّا، ويكون محطوط بالدرجة الأولى، وكل مسيحي مهتم بغير أمور، وتارك شغل الملكوت لبعدين، راح يسمع هيدا الكلام:

شو جاي تعمل يا إبني بها الأرض؟ جاي تاكل وتشرب وتضيّع وقت عَ حالك؟ مش عارف إنو أنا خلقتك حتى تخلّص نفسك، ونفوس كتيرة غيرك، وحتى تعمل كل عمل صالح؟ ليش غيّرت الهدف يلي خلقتك كرمالو؟ شو رأيك لو قلتلك: هلق بدي حاسبك متل ما حاسبت الوكيل الخاين: (أدِّ حساب وكالتك) (لوقا16/2)، أو متل يلي طمر الوزنة بالتراب (من فمك أدينك أيها العبد الشرير) (لوقا19/22).

 

ويسوع ذاتو كان واضح معنا لمن قال: الحياة فيها تعب، وفيها صلبان، واضطهاد، ولكن فيها كمان بركات، ونِعَمْ، وخلاص، والمهم إنو نبقى ثابتين مع الله للآخر. وإذا سألنا: وين المسيحيين اليوم من شغل الملكوت؟ راح نتفاجأ لمن منشوف قسم كبير، مش فرقانة معو شغل الله، وكأنّو غريب عن هيدي الدني.

 

كتار عم يِلْهَتو من كتر الركض، راكضين ورا المال، ورا الملذات، والرفاهية والمجد، راكضين ورا كل شي، إلا وراء الملكوت (شغل الله). صار إنسان اليوم بدّو يعيش أحلى شي، وبدّو يشتري كل شي، وكترت مطاليبو، وعجق حالو، وانعجق، وصار مضروب عَ راسو، وما بقى معو وقت لشي إسمو الملكوت. وهون وقف شغل الله، وتعطّل الخلاص، والمسيحي يلي لازم يملّح ويضوّي للغير، ما بقى عم يعطي ملوحة ولا عم بيضوّي.

 

وهيدا الأمر انعكس عَ الكنيسة (نحنا شعب الله)، وبردِتْ المحبّة، ووقفت البشارة، وضعف الإيمان، وصار الناس يقولو وين صارت المحبة؟ وين الفرح؟ وصارت الديانة، ديانة واجبات، ديانة ناشفة، وصارت متل حِمْل بدنا الصّرفة نتخلّص منّو.

 

ليش عم يصير هيك؟ لأنو ما عاد سمعنا، كلام الله، ما بقى في طاعة، ومخافة، ولأنو ضعف الإيمان بحياتنا، وصرنا عم ندير دينتنا للشيطان وعم ونسمعلو كلامو. ومن ميلي تانية الله عم بيقول: توبوا، يعني (اتركوا الشيطان وارجعوا لعندي). والظاهر ما عم نردّ عَ الله، ومش فرقانة معنا الخطية، وما بدنا نغيّر حياتنا.

 

وكتار صاروا تحت سيطرة الشيطان وطلعوا من ملكوت النعمة، وصرنا عم نقاتل بعضنا البعض ونغش ونزعل ونظلم ونحتقر ونحقد... والشيطان مبسوط مكيّف علينا، والله بعدو ناطر نرجع لعندو، وراح يطوّل وهوي ناطر. وأكتر من هيك صارت حياتنا، زعل وكفر وطمع وزنى وقتل، ملتهيّين، والصوت عم يتكرّر (توبوا، توبوا) والصدى كأنو عم بيقول: ما بدنا نتوب، تركْنا، شغلنا أهم.

 

وبيرجع الصوت بيردّد: وين القداس؟ وين الصلاة؟ وين الخدمات الإنسانية؟ وين الآخرة؟ ما معنا وقت، ما معنا وقت، شوف غيرنا لا تلهّينا، وهيك بيكون الشيطان عمل شغلو وأخد منا الملكوت (السما) لأنو (ملكوت الله يغتصب).

 

والمسيحي المؤمن لازم يكون قدّ الحمل، وقدّ المسؤولية يلي من الله، وبدل ما الشيطان يوقّعنا ويربح علينا، ليش ما منتقدّس ومنستعمل سلطتنا عليه؟ هيدي السلطة من الله (باسمي تخرجون الشياطين).

والمسألة بتتوقّف عَ إيماننا وتقدّمنا الروحي، وقرار واعي إنو بدنا نكون أولاد الله، (أبناء الملك السماوي).

 

 وبالآخر منتذكّر كلام يسوع: أحسن إلك، إنّك تطلب تفوت عَ ملكوت لله وإنت أعور أو أعرج أو بدون إيدين، من إنك تروح كلّك عَ النار.

 

الخوري منير حاكمه

القبيات، تشرين الاول 2009

back to Books